CCP/2003/7






لجنة مشاكل السلع

الدورة الرابعة والستون

روما، من 18 إلى 21 مارس/آذار 2003

أهم التطورات والقضايا في أسواق السلع الزراعية

أولا - مقدمة

1 - تستعرض هذه الوثيقة بعض العوامل أو بالأحرى أهم العوامل التي أثرت على الأسواق الزراعية الدولية خلال الأعوام القليلة الماضية. ومن بين العوامل المهمة الاتجاه الهبوطي العام في أسعار السلع الزراعية منذ الطفرة التي حققتها تلك الأسعار في عامي 1995-1996، ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى تأثير انخفاض الأسعار على قدرة البلدان النامية في الحصول على نقد أجنبي أو دخل من صادراتها و/ أو الحد من تكاليف وارداتها من الأغذية الأساسية.

2 - وبشكل عام، فإن أسواق السلع الزراعية الأساسية في النصف الثاني من التسعينات تأثرت أساسا باستجابة العرض إلى الأسعار التي كانت مرتفعة من قبل وإلى أسعار البدائل القريبة (مثل المنتجات التخليقية)، وبالأزمة المالية في آسيا التي أضرت بتوقعات النمو الاقتصادي وخفضت الطلب الفعال في كثير من البلدان، واستمرار دعم الإنتاج والصادرات في عدد من البلدان، سواء النامية أو المتقدمة. وربما كانت هناك عوامل أخرى أثرت على أسواق السلع الزراعية و/ أو احتمالات نمو هذه الأسواق في المستقبل: ونشير هنا إلى التغييرات الملحوظة في هياكل الأسواق بالنسبة لبعض السلع من حيث تغيير أنماط التجارة الجغرافية، والتحول من الصادرات السائبة إلى التجارة في السلع ذات القيمة المضافة، ومستوى تركيز الأسواق والتجارة. كما أن التقدم الذي حدث في التقانة - لاسيما في التقانة الحيوية - قد يكون له تأثير كبير على الإنتاج، وعلى إضفاء الصفة التجارية على بعض المنتجات، وتدفقات التجارة الدولية. وأخيرا، فإن زيادة وعي المستهلكين واهتمامهم بسلامة الأغذية وبالبيئة أصبح قوة دافعة لإحداث تغييرات في بعض أسواق السلع وفي سياسات الحكومات في استجابتها لهذا الاهتمام.

ثانيا - تطورات أسعار السلع

3 - وصلت أسعار السلع الزراعية الأساسية - بشكل عام - إلى ذروتها في منتصف التسعينات، ثم مالت إلى الانخفاض في النصف الثاني من ذلك العقد، وإن كانت أسعار بعض السلع الأساسية قد بدأت في الانتعاش عامي 2001 و2002.

ألف - السلع الغذائية الأساسية

4 - تعرضت أغلب الأسعار العالمية للسلع الغذائية الأساسية لضغوط هبوطية في النصف الثاني من التسعينات. فالأسعار الاسمية للحبوب شهدت انخفاضا حادا في أعقاب الذروة التي وصلت إليها في 1995-1996. ففي خلال الفترة الواقعة بين عامي 1997 و2001 انخفض المتوسط السنوي لأسعار الحبوب بنحو 40 في المائة عن الذروة التي كان قد وصل إليها في عام 1996. ويبدو أن هذا الانخفاض جاء نتيجة مكاسب الإنتاج القوية، التي انتعشت بفعل ارتفاع الأسعار من قبل والسياسات الإيجابية لدعم العرض خاصة في البلدان المصدرة الرئيسية للحبوب، وضعف الطلب الاستيرادي الذي أدى إلى تراكم الفوائض. ومع ذلك، فقد تعرضت مخزونات الحبوب باستمرار للسحب منها في 1998-1999، وإن لم تبدأ أسعار الحبوب في الانتعاش إلا في عام 2002، عندما ارتفعت بأكثر من 7 في المائة. ولكن أسعار القمح كانت قد بدأت في الارتفاع منذ موسم 2000-2001، بينما لم تبدأ أسعار الحبوب الخشنة في الارتفاع إلا في منتصف 2002، بل إن أسعار الأرز لم تبدأ في الارتفاع إلا في أواخر ذلك العام. ولكن تغير اتجاه أسعار الحبوب سيكون محدودا بفعل الفوائض الضخمة - والمتزايدة في بعض الأحيان - لدى بعض البلدان المصدرة الرئيسية و/ أو البلدان المصدرة غير التقليدية، وبالنسبة للقمح، فإن هذه البلدان تضم أوكرانيا، والاتحاد الروسي، وأوروبا الشرقية والهند، أما بالنسبة للذرة فإنها تضم الصين والبرازيل، وبالنسبة للأرز فهي الهند وميانمار.

5 - وتعرضت الأسعار الدولية لأغلب أنواع الزيوت والدهون لضغوط هبوطية خلال الجزء الأكبر من الفترة الواقعة بين عامي 1999 و2001، بسبب ظروف زيادة العرض على الطلب، مما أدى إلى تراكم المخزونات بسبب الزيادة فوق المتوسطة في إنتاج زيت النخيل وزيت الصويا. ورغم ذلك، فإن الموقف تحول بالقرب من نهاية موسم 2000-2001 واستمر كذلك في موسم 2001-2002. أما أسعار الكسب والمساحيق الزيتية فقد اتخذت مسارا مخالفا، حيث تصدر هذا القطاع أسعار البذور الزيتية في مجموعها. ويرجع السبب الأول في ارتفاع الأسعار خلال موسم 2000-2001 إلى الطلب على هذه المنتجات، والذي انتعش بفعل الأمراض الحيوانية التي ظهرت في الاتحاد الأوروبي والتي أسفرت عن حظر استخدام مساحيق اللحوم والعظم كأعلاف، وزيادة الطلب على المساحيق البروتينية في خلطات الأعلاف.

6 - وانخفضت أسعار اللحوم انخفاضا حادا في أعقاب عام 1998 كاستجابة لدورات الإنتاج الحيواني (لاسيما بالنسبة للحم البقري)، وزيادة التجارة في الأجزاء زهيدة الثمن من الحيوانات المذبوحة، والاختلالات العديدة في الأسواق، بما في ذلك ما يرتبط منها بظهور أمراض حيوانية. واتسم عام 2001 بارتفاع أسعار اللحوم، لاسيما بالنسبة للدواجن والحملان عشية ظهور أمراض حيوانية أغلقت بالفعل بعض أسواق اللحوم، وأثارت اهتمام الإنسان بصحته كما حدث في حالة جنون البقر. أما في عام 2002، فقد تعرضت أسعار اللحوم لضغوط هبوطية بسبب زيادة العرض من البلدان المصدرة الرئيسية نتيجة تراجع تأثير الأمراض البيطرية وظروف الجفاف التي شجعت على التخلص من القطعان في بعض البلدان.

7 - ورغم أن أسعار الألبان زادت بنسبة 8 في المائة منذ منتصف التسعينات، فقد بدأت في الانخفاض بصورة ملموسة في أواخر عام 2001. حيث انخفضت الأسعار الدولية لمنتجات الألبان انخفاضا ملموسا فيما بين منتصف عام 2001 ومنتصف عام 2002، عندما انخفض مؤشر أسعار الألبان في المنظمة بنحو 35 في المائة تقريبا. وشمل انخفاض الأسعار جميع السلع الأساسية، مع تأثر مساحيق الألبان بالقدر الأكبر من هذا الانخفاض، نظرا لانخفاض الطلب على الاستيراد في بعض الأسواق الرئيسية، وتراكم مخزونات غير ملتزم بها في البلدان المصدرة الرئيسية للألبان.

باء - منتجات البساتين والسكر

8 - اتجهت الأسعار العالمية للموز إلى الانخفاض منذ منتصف التسعينات، ووصلت إلى أدنى حد لها منذ عشر سنوات في عام 2000، حيث انخفضت بنحو 23 في المائة عن متوسطها في التسعينات. وبدأت هذه الأسعار في الانتعاش في عام 2001، وظلت ثابتة حتى النصف الأول من عام 2002 بسبب قوة الطلب الاستيرادي، وعلى الأخص في الاتحاد الأوروبي واليابان. ومع ذلك، ظلت أسعار الواردات دون مستوياتها في عام 2001 مع اقتراب موسمي الخريف والشتاء، مما قد يعتبر نذيرا بانخفاض الأسعار طوال الفترة الباقية من عام 2002. ففي الاتحاد الأوروبي هناك ضغط على الطلب من الإنتاج الداخلي ومن الموردين في مجموعة أفريقيا في مجموعة أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادي، وهي ضغوط تضاف إلى الكميات الكبيرة الآتية من أمريكا اللاتينية. وانخفضت أسعار الحمضيات الطازجة وعصير البرتقال في أواخر التسعينات، وإن كانت قد انتعشت في موسم 2001/2002. فقد انخفضت أسعار عصير البرتقال بفعل المحاصيل الوفيرة للبرتقال ابتداء من منتصف التسعينات حتى عام 2000 في ولاية فلوريدا وفي البرازيل، وهما أكبر منطقتين للإنتاج. وبالنسبة لموسم 2002/2003، فإن مخزونات البرازيل من عصير البرتقال المركز المجمد سوف تظل على انخفاضها النسبي، حيث أن الطلب العالمي ثابت، كما أن التوقعات تشير إلى أن محصول البرتقال في ولاية فلوريدا سيكون أقل كثيرا من الموسم السابق. وبناء على ذلك، فإن المخزونات العالمية من عصير البرتقال المركز المجمد ينتظر أن تظل على انخفاضها النسبي، وأن تحتفظ الأسعار بثباتها في موسم 2002/2003. وكانت أسعار أهم الفاكهة الاستوائية الداخلة في التجارة (الأفوكادو، والمانجو، والبابايا، والأناناس) ضعيفة هي الأخرى في النصف الثاني من التسعينات ووصلت إلى أدنى مستوى لها في عام 2001. وظلت أسعار هذه السلع على انخفاضها في عام 2002، باستثناء واحد هو أسعار الأناناس الذي استأثر بالجزء الأكبر من التجارة الدولية بالفاكهة الاستوائية. وقد زادت أسعار الواردات في أسواق الجملة بالمملكة المتحدة بنحو 40 في المائة فيما بين عامي 2001 و2002 (حتى تاريخه)، مدعومة في ذلك بانخفاض العرض من تايلند واستمرار النمو القوي على الطب في الأسواق الأوروبية.

9 - انخفض المتوسط السنوي للأسعار الدولية للسكر انخفاضا شديدا منذ منتصف التسعينات ليصل إلى أدنى مستوى له في عام 1999 عندما وصل إلى أقل من نصف سعره أثناء الذروة التي وصل إليها في عام 1995. أما الانتعاش الذي حدث في أسعار السكر عامي 2000 و2001 فيبدو أنه لم يستمر إلا لفترة قصيرة. فقد عادت الأسعار إلى الانخفاض في عام 2002 مع توقع زيادة توافر الصادرات نتيجة المحصول الوفير في البرازيل، وزيادة إنتاج أهم الموردين الآخرين مثل الاتحاد الأوروبي. وقد تحسنت الأسعار قليلا في أواخر عام 2002، مع الخسائر التي سببتها الأحوال الجوية المعاكسة لإنتاج الولايات المتحدة. وظل الدعم المحلي لإنتاج السكر في بعض البلدان مسألة رئيسية من مسائل السياسات التجارية، مع بدء استراليا والبرازيل في اتخاذ إجراءات رفع شكوى إلى منظمة التجارة العالمية ضد الدعم الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي لصناعة السكر.

جيم - المواد الزراعية الخام (القطن و المطاط والجوت والألياف الصلبة والجلود الكبيرة والصغيرة)

10 - بعد أن ارتفعت أسعار المواد الزراعية الخام لفترة قصيرة لموسمي 1995-1996 انخفضت أسعار أغلب المواد الزراعية الخام إلى أدنى مستوياتها في عام 2001 أو أوائل عام 2002. وكان ظهور منتجات جديدة قليلة التكاليف، والتوسع الزائد في الإنتاج، وضعف الطلب الاستيرادي بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي، واستمرار المنافسة من جانب المنتجات التخليقية، والعوامل الدورية المرتبطة بارتفاع مستويات الإنتاج وتراكم المخزونات، هي الأسباب المسؤولة إلى حد كبير عن انخفاض الأسعار بصورة قياسية بالنسبة للقطن والمطاط والجوت، وانخفاض أسعار الجلود الكبيرة والصغيرة أيضا. فقد انخفضت أسعار الألياف الصلبة، لاسيما السيزال والقنب. ومن المتوقع أن ينخفض إنتاج العالم من القطن في موسم 2001-2002 كإحدى نتائج الانخفاض المستمر في أسعاره. ومن ناحية أخرى، أدت الزيادة في المساحات المزروعة بالقطن المهجن إلى زيادة الإنتاج، لتساهم بذلك في استمرار تراجع الأسعار. ومازال الدعم المحلي لمنتجي القطن في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يمثل إحدى القضايا الهامة في السياسات التجارية، حيث توجه إليه البلدان النامية المنتجة للقطن جزءا من المسؤولية عن تراجع أسعار القطن العالمية. أما أسعار المطاط فقد شهدت ارتفاعا حادا في الفترة الأخيرة بسبب الأحوال الجوية السيئة التي خفضت الإنتاج بصورة مؤقتة في أوائل عام 2002. ومع ذلك، فإن الخلل الموجود في الأسواق ينتظر أن يعود مرة أخرى، مع عودة الأسعار إلى انخفاضها. وردا على الاتجاه المستمر نحو زيادة كميات العرض، دعت البلدان الثلاثة المنتجة الرئيسية، وهي إندونيسيا وماليزيا وتايلند، إلى إبرام اتفاقية لمراقبة الإنتاج والصادرات.

دال - المشروبات الاستوائية

11 - لفت الانخفاض الحاد في أسعار البن أنظار أغلب وسائل الإعلام. فقد أدى العرض الزائد في الأسواق العالمية -لسبب رئيسي هو التوسع في المساحات المزروعة في فيتنام وانخفاض قيمة الريال البرازيلي- إلى انخفاض الأسعار بنسبة 29 في المائة في عام 2001، بعد الانخفاض الذي بلغت نسبته 25 في المائة في السنة السابقة. وأدى طول فترة انخفاض الأسعار إلى انخفاض العرض، وهو ما أدى مع بعض عمليات الشراء بأموال استثمارية إلى تعزيز الأسعار مؤخرا. ومع ذلك، فمازالت الأسواق تعاني من الاختلال. وقد فشلت المحاولة التي بذلتها رابطة البلدان المنتجة للبن لمعالجة ذلك عن طريق خطة للمحافظة على الصادرات. واتخذت أسعار الكاكاو مسارا مماثلا نحو الانخفاض للأسباب الرئيسية نفسها، وإن كانت قد استعادت قوتها بصورة أكبر في موسم 2001-2002 مع دخول الأموال الاستثمارية إلى السوق وحالة البلبلة التي خلقها الصراع الدائر في كوت ديفوار، أكبر منتج للكاكاو في العالم. أما أسعار الشاي الأخيرة فقد اتسمت بالقوة النسبية، لسبب رئيسي هو الطلب المستقر في الاتحاد الروسي والشرق الأدنى، وإن كانت الأسعار مازالت تتجه نحو الانخفاض بشكل عام.

هاء - انخفاض الأسعار الزراعية سلاح ذو حدين للبلدان النامية

12 - أدى انخفاض الأسعار الدولية في السنوات الأخيرة إلى اعتدال فاتورة الواردات الزراعية للبلدان النامية (الجدول 2). فقد انخفضت فواتير الاستيراد للأغذية الأساسية من 67 مليار دولار في عام 1996 إلى 61 مليار دولار في المتوسط خلال الفترة 1999-2001، رغم الزيادة الملموسة في حجم الواردات. وكمثال، فقط ارتفعت كمية الواردات من الحبوب بنسبة 12 في المائة خلال نفس الفترة بينما انخفضت فواتير الاستيراد للبلدان النامية من 33 مليار دولار في عام 1996 إلى 25.5 مليار دولار في المتوسط. وكان الاستثناء الواضح هو البذور الزيتية واللحوم التي شهدت نموا قويا في الطلب الاستيرادي عليها مما أسفر عن زيادة فواتير استيرادها أثناء النصف الثاني من التسعينات. وبالنسبة لبلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض، فإن فواتير استيرادها للأغذية الأساسية انخفضت انخفاضا طفيفا منذ الذروة التي وصلت إليها أسعارها عام 1996. وفي كلتا هاتين الفئتين، فإن فواتير استيراد الأغذية الأساسية في أعقاب منتصف التسعينات، كانت تفوق في متوسطها الفترة السابقة على وصول الأسعار إلى ذروتها، ويرجع ذلك بشكل عام إلى زيادة حجم الواردات وإلى تراجع شحنات المعونة الغذائية.

13 - وربما جلب انخفاض الأسعار الدولية شيئا من الراحة المؤقتة إلى البلدان التي تواجه صعوبات في موازين مدفوعاتها وإلى المستهلكين في تلك البلدان، شريطة أن يكون انخفاض الأسعار الدولية قد انتقل إلى الأسواق المحلية. فحيث أن البلدان النامية كمجموعة قد أصبحت مستوردا صافيا للأغذية، وأنه من المنتظر أن يزيد العجز الغذائي فيها، فإن انخفاض أسعار الأغذية الأساسية في الأسواق العالمية له فوائده الواضحة. ولكن انخفاض الأسعار الدولية يمكن أن يكون له أيضا تأثير سلبي على الإنتاج المحلي في البلدان النامية مما قد يكون له تأثيره البطئ على أمنه الغذائي.

14 - وإذا كان الكثير من البلدان قد استفاد من انخفاض الأسعار، فإن البعض الآخر عانى من التأثير السلبي على عائدات صادراته. فقد أدى انخفاض الأسعار العالمية بشكل خاص إلى انخفاض عائدات صادرات البلدان النامية من المواد الزراعية الخام، والمشروبات، وغيرها من المنتجات الاستوائية بعد أن وصلت أسعار هذه السلع إلى ذروتها في موسم 1995-1996 (الجدول 3). فالكثير من هذه البلدان يعتمد في جزء كبير من عائدات صادراته على محصول واحد أو محاصيل معدودة من الصادرات الزراعية، لاسيما في حالة البلدان النامية المصدرة للبن والكاكاو والسكر والموز والقطن. فهناك 43 بلدا مركزة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي تحصل على أكثر من 20 في المائة من إيراداتها الإجمالية من صادرات البضائع، وأكثر من 50 في المائة من إجمالي إيراداتها من الصادرات الزراعية من سلعة زراعية واحدة فقط.

15 - وبالنسبة للأمن الغذائي بالذات، فإن هذه السلع تمثل موردا رئيسيا لعائدات بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض. فبالنسبة لهذه البلدان، فإن صادراتها من القطن والبن والشاي والكاكاو كانت تعطي 20 في المائة من عائداتها من الصادرات الزراعية في عام 2000، وبإضافة 10 سلع أخرى، فإن مجموع العائدات يصل إلى 50 في المائة. وتلعب أي تقلبات في عائدات التصدير من هذه المجموعة الصغيرة من السلع الأساسية دورا هاما في الأمن الغذائي لهذه البلدان. فهناك عدد من أكبر البلدان المصدرة للموز في العالم يدخل ضمن بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض (مثل إكوادور وهندوراس وغواتيمالا والفلبين والكاميرون وكوت ديفوار والصومال). فالموز يمثل جزءا هاما من الحجم الإجمالي للصادرات، وبالتالي فإن تقلبات أسعار الموز لها تأثيرها الملموس على عائدات هذه البلدان من صادراتها.

16 - وبشكل عام، فإن قيمة هذه السلع الأساسية المصدرة من بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض يبدو أنها انتعشت ربما بنسبة 20 في المائة عام 2002، بعد أن كانت قد تراجعت بشكل كبير في عام 2001. ومن بين السلع التي حققت مكاسب إيجابية من تصديرها في عام 2002، جاء بعض هذه المكاسب من زيادة الأسعار والكميات معا (مثل الكاكاو والقطن والمطاط) بينما جاء البعض الآخر من زيادة كمية الصادرات فقط (مثل الموز والفاكهة الاستوائية) بينما شهد البعض الآخر انخفاض قيمة الصادرات بسبب المزيج من ضعف الأسعار (مثل السكر والشاي) وتراجع حجم الصادرات (مثل البن).

17 - كما انخفضت عائدات الصادرات من بيع البلدان النامية للأغذية الأساسية. وبشكل عام، فقد انخفضت قيمة هذه الصادرات من 39 مليار دولار عام 1998 إلى 31 مليار دولار فقط في عام 2000. ورغم أن بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض لا تعتمد كمجموعة على تصدير الأغذية الأساسية، فإن خسائرها كانت أقل من انخفاض الأسعار في أعقاب الذروة التي كانت قد وصلت إليها في منتصف التسعينات.

ثالثا - التغيرات في أسواق السلع الزراعية الأساسية

18 - جاءت التطورات في الأسواق الدولية والقطرية للسلع الأساسية في السنوات الأخيرة نتيجة لتغييرات مهمة في الظروف الاقتصادية والتقنية والمؤسسية وفي مناخ السياسات التي تعمل الأسواق في ظلها. ومن بين هذه التغييرات، التحول في موازين التنافس بين البلدان، وظهور موردين رئيسيين جدد لبعض المنتجات، مما أحدث تغييرا في أنماط التجارة، ودخول التكنولوجيا الحيوية في الإنتاج الحيواني، وتحرير الأسواق المحلية، والاتفاق على قواعد للتجارة الدولية وتنفيذ هذه القواعد تحت إشراف منظمة التجارة العالمية.

ألف - أنماط التجارة

19 - تميل أنماط التجارة في السلع الأساسية إلى التطور مع مرور الوقت، ولكن السنوات الأخيرة شهدت تغييرات ملموسة في بعض أسواق السلع الأساسية. ففي قطاع الحبوب، ظهرت تغييرات في أنماط التجارة في الموسمين الأخيرين، حيث بدأ بعض صغار المصدرين و/ أو المصدرين غير التقليديين في الحصول على نصيب أكبر من الأسواق العالمية. فالكثير من البلدان التي كانت مستوردة صافية للحبوب تحولت إلى مصدر صاف لكميات كبيرة. فبالنسبة للقمح، زادت الهند والمجر وكازاختسان والاتحاد الروسي وأوكرانيا من حصتها في السوق من 6 في المائة في 1999-2000 إلى 18 في المائة خلال آخر موسمين. وهناك عدد من البلدان المصدرة الثانوية للحبوب الخشنة، وفي مقدمتها البرازيل والصين والاتحاد الروسي وأوكرانيا، ينتظر أن تستحوذ على نحو 20 في المائة من الأسواق العالمية في 2002/2003، لاسيما أسواق الذرة. أما حصة ميانمار ومصر من صادرات الأرز فقد زادت بصورة ملموسة، ولكن التطور الأكثر إثارة هو ظهور الهند التي أصبحت تحتل المرتبة الثانية بعد تايلند كأكبر مصدر للأرز في العالم، مدعومة في ذلك بسياسة لدعم الصادرات. وعلى العكس من ذلك، فإن الصين - التي كانت مصدرا تقليديا للأرز - قد بدأت تقلل شحناتها بصورة مستمرة منذ عام 2000، نتيجة لانخفاض إنتاجها.

20 - وخلال السنوات القليلة الماضية، زاد بعض المستوردين التقليدين للبذور الزيتية ومنتجاتها، لاسيما في آسيا، بقيادة الصين - من وارداتهم من البذور الزيتية على حساب شراء الزيوت والمساحيق الزيتية (المنتجات المستخلصة من المواد الخام). ويأتي السبب الرئيسي في هذا التحول من سياسات تجارية محددة (ترتيبات غير تعريفية، وكذلك ترتيبات تتعلق بالتعريفة مثل التعريفة التصاعدية) تهدف إلى تقديم الدعم للمعاصر المحلية و/ أو تشجيع التوسع في صناعة المعاصر المحلية، وبالتالي زيادة القيمة المحلية المضافة. وقد أحدث هذا التطور تأثيره على نمط التجارة وبشكل عام، حيث أن بعض البلدان المصدرة قد تخصصت أو بدأت تتخصص في بيع البذور الزيتية أو في توريد الزيوت والمساحيق الزيتية. وينطبق ذلك على سبيل المثال على الأرجنتين، المصدر التقليدي لزيت فول الصويا ومساحيق فول الصويا، والبرازيل التي تصدر أساسا المادة الخام وهي فول الصويا. وفي السنوات الأخيرة، بدأت ماليزيا تتخصص في تصدير زيت النخيل المكرر كما بدأت إندونيسيا تتخصص في تصدير زيت النخيل الخام.

21 - وقد بدأ التوازن الموجود في الأسواق العالمية يتحول من البلدان التي تعتمد على الدعم في تصدير منتجات الألبان (أوروبا وأمريكا الشمالية أساسا) إلى البلدان التي تستطيع التصدير دون اللجوء إلى مثل هذا الدعم (أوسيانيا وبعض بلدان أمريكا الجنوبية أساسا). وقد ظل هذا الاتجاه ساريا في السنوات الأخيرة ومن المتوقع أن يستمر في المستقبل. وبالنسبة للواردات، فإن الطلب المتزايد في البلدان التي كانت لا تستهلك منتجات الألبان بكثرة عادة، لاسيما جنوب شرق آسيا والصين، أصبح عنصرا مهما في نمو الطلب العالمي.

22 - وكما سبق أن لاحظنا، فإن الكثير من أوجه الخلل وما يترتب عليها من ضغوط هبوطية على الأسعار في أسواق البن العالمية يرجع بقدر كبير إلى احتلال فيتنام للمركز الثاني بعد أكبر مصدر في العالم، رغم أن توسع البرازيل في صادراتها كان له دوره المهم أيضا.

باء - تركيز الأسواق والتجارة

23 - بالنسبة لبعض السلع الأساسية الزراعية، أصبح تركيز الأسواق حقيقة متزايدة. ففي حالة الحبوب، يبدو أن هناك نوع من التجمع بين كبار تجار الحبوب في السنوات الأخيرة، مع التحول نحو الاندماج الرأسي في بعض الأسواق. ورغم أن مؤسسات التجارة الحكومية قد لعبت عادة دورا هاما في قطاع الواردات والصادرات، فإن دورها قد تراجع في السنوات الأخيرة نتيجة سياسات تحرير التجارة. وأحدث الأمثلة على ذلك هو تحويل مجلس القمح الاسترالي إلى شركة تجارية خاصة. ومازالت كميات كبيرة من الأرز تتبادل في إطار صفقات بين الحكومات. وعلى أي حال، ورغم أن عددا من البلدان مازال يقوم بعملية إصلاح نظم تجارة الأرز وتسويقه، فإن البعض الآخر ألغى مؤخرا احتكار الدولة للتجارة وسمح للقطاع الخاص بالتجارة في الأرز.

24 - مازال تركيـز صادرات البـذور الزيتيـة مستمـرا فـي أيدي عدد محدود من الجهات. والأسباب الرئيسية لهـذا التطـور هـي: (1) أن بعض البلدان يقوم بحملات نشطة لترويج صادرات مدعومة بسياسات حكومية معينة؛ (2) التمويل الحكومي والمستويات المرتفعة للاندماج الرأسي، مع عدد محدود من الشركات الدولية الخاصة العاملة في مختلف مراحل السلسلة (من إنتاج البذور الزيتية إلى صناعة وتسويق المنتجات الاستهلاكية مرورا بالتجارة) التي تركز على عدد محدود من البلدان.

25 - ونتيجة لعمليات الاستحواذ والنمو، سواء داخل البلد الواحد أو فيما بين البلدان، أصبحت شركات تصنيع الألبان أكبر حجما الآن، لدرجة أنه في بعض البلدان مثل أوروغواي وإسرائيل والدانمرك، أصبح منتج واحد يمثل أكثر من نصف طاقة التصنيع في البلد. وتتضح ضخامة حجم المصانع وقلة عددها في كثير من البلدان في هيكل مزارعها، حيث ينعكس ذلك في اتجاه عام نحو تقليل عدد المزارع وزيادة مساحتها وفي هيكل قطاع البيع بالتجزئة، حيث يسيطر عدد قليل من الشركات على السوق في أغلب الأحيان.

26 - هناك 20 سلسلة من المحال التجارية الكبيرة (سوبر ماركت) تسيطر على أسواق بيع الفاكهة الاستوائية بالتجزئة في اليابان والولايات المتحدة وأوروبا. وتتوسع نفس هذه السلاسل بسرعة إلى أجزاء أخرى من العالم. ولاشك أن تفضيل هذه السلاسل للتعامل مع عدد قليل من كبار الموردين، وفرض شروطها ومعاييرها بالنسبة لسلامة الأغذية، وإلغائها لأكبر عدد ممكن من الوسطاء، ترك بعض صغار المزارعين والموردين في البلدان النامية في وضع سيئ، إذ أنهم لا يملكون رأس المال اللازم لاستغلاله في المعدات أو دفع تكاليف الشهادات المطلوبة لهذه المحال التجارية الكبيرة. وبالنسبة للموز، فإن بعض المحال التجارية الكبيرة ذهبت إلى أبعد من ذلك، حيث وقعت عقودا مع مورد واحد متعدد الجنسيات، بحيث تلغي أي منافسة من صغار المصدرين الآخرين. وأصبحت الشركات متعددة الجنسيات في أسواق الاستيراد الرئيسية الثلاثة تسيطر الآن على أكثر من 80 في المائة من السوق. وبالمثل، فإن صناعة تجهيز البن مركزة في 5 شركات فقط تشتري نحو نصف إنتاج العالم من البن في كل سنة.

جيم - التوسع في التجارة في السلع ذات القيمة المضافة

27 - ظلت أهمية إضافة قيمة إلى السلع الزراعية التصديرية عن طريق تصنيعها، تعتبر لفترة طويلة مجالا رئيسيا لزيادة العائدات المحتملة للبلدان النامية. وسنستعرض فيما يلي بعض المجموعات السلعية التي يسهل التجارة فيها كمنتجات مصنعة.

28 - هناك عدد كبير من المنتجات التي يمكن استخلاصها من البذور الزيتية، تحتوي في أغلب الأحيان على قدر كبير من القيمة المضافة، لاسيما في حالة الزيوت ومنتجاتها. وقد ظل نصيب الأسواق من البذور الزيتية في مقابل السلعتين الرئيسيتين المستخلصتين منها، وهما الزيوت والمساحيق الزيتية، ثابتا تقريبا طوال السنين الماضية، دون توقع تحول جذري في المديين القصير والمتوسط. وعلى النقيض من ذلك، فإن عملية التجهيز اللاحقة للزيوت والدهون تعتمد على صناعة دينامية تنتج مكونات لعدد كبير من المنتجات الغذائية وغير الغذائية. وقد توسعت صناعة الزيوت الكيماوية بالذات (والتي يدخل ضمن منتجاتها الصابون والمنظفات الصناعية) توسعا مستمرا في السنوات الأخيرة مع توقع مواصلة نموها في المدى المتوسط. وأصبحت هذه الصناعة تمثل الآن نحو 15 في المائة من استخدام العالم للزيوت والدهون، في الوقت الذي تسجل فيه تجارة منتجات الزيوت الكيماوية نموا مطردا.

29 - وحدث تخصص متزايد في إنتاج اللحوم وتجهيزها مدفوعا في ذلك بأذواق المستهلكين التي تفضل أنواع من اللحوم وأجزاء خاصة منها مما زاد من عمليات تصنيع اللحوم، وهو الأمر الذي سهل التجارة في مجموعة واسعة من منتجات اللحوم وأجزاء خاصة من الحيوانات المذبوحة. وزاد التمييز في الأسواق بين المنتجات، حيث أصبح المصدرون يبتعدون عن تصدير الذبيحة الكاملة ويتجهون إلى تصدير اللحوم الخالية من العظم والمنتجات المصنعة. وكانت النتيجة هي زيادة التجارة في منتجات اللحوم ذات القيمة المضافة، وهو الاتجاه الذي يرجح أن يتزايد في المستقبل.

30 - تحتاج الألبان إلى درجة كبيرة من التجهيز قبل إمكان التجارة فيها، وإن كانت منتجات الألبان بطبيعتها تتسم بالقيمة المضافة. فقد تغيرت التجارة العالمية من سيطرة البلدان التي تلجأ إلى دعم الصادرات بحيث أصبحت العناصر الأكثر دينامية الآن هي المصدرين الذين لا يعتمدون على دعم منتجاتهم، وبالتالي فقد تحول التركيز من التخلص من الفوائض إلى تنمية الأسواق، بالتحرك بعيدا عن السلع السائبة -مثل الزبد ومسحوق اللبن منزوع الدسم- نحو المزيد من منتجات الألبان عالية التخصص ذات القيمة المضافة، مثل الجبن ومسحوق اللبن كامل الدسم.

31 - وإذا كان من السهل تحديد الفرص المحتملة للتجارة في المنتجات ذات القيمة المضافة، فإن الاستفادة من مثل هذه الفرص ليست سهلة بالنسبة للبلدان النامية. فالدخول إلى أهم الأسواق محكوم بالتعريفات الجمركية العالية التي تفرض رسوما مرتفعة على السلع المصنعة مقارنة بالواردات من السلع السائبة. ومع ذلك، فإن إلغاء التعريفات العالية وحده ليس شرطا كافيا لنجاح التنوع الرأسي. ولاشك أن تركيز هياكل الأسواق العالمية بالنسبة للكثير من السلع الرئيسية الداخلة في التجارة كما سبق أن رأينا، يمكن أن يفرض حواجز كبيرة أمام الدخول في عمليات التصنيع والتصدير.

دال - التكنولوجيات الجديدة

32 - منذ الستينات، تصدرت الإنجازات التقنية في ظل الثورة الخضراء عمليات التوسع في الإنتاج في كثير من البلدان النامية. وبشكل أعم، فإن الابتكارات الميكانيكية والزراعية وتلك الخاصة بالتربية الحيوانية أدت كلها إلى زيادة غلات المحاصيل والإنتاج الحيواني في مختلف أنحاء العالم. واهتمت الابتكارات التقنية اهتماما متزايدا - كما في حالة المكافحة المتكاملة للآفات - بالآثار البيئية وبعمليات الاستدامة. وتقف زيادة الغلات والإنتاج مقابل نمو بطئ نسبيا في الطلب وراء انخفاض الأسعار الزراعية الحقيقية. فالمنتجون الذين يستطيعون الحصول على التقانات الجديدة، يستفيدون من انخفاض التكاليف المرتبط بهذه التقانات، أما الذين لا يستطيعون الحصول على هذه التقانات، والموجودون في أفريقيا بالذات، فيقعون بين شقي الرحى، حيث أن أسعارهم تنخفض دون انخفاض مماثل في تكاليفهم.

33 - أصبحت التقانات الحيوية الآن محور المداولات العامة. فمع احتمالات تخفيض تكاليف الإنتاج ومواصلة تحسين الإنتاجية، بالإضافة إلى ما تعد به من وسائل جديدة لإنتاج المنتجات الزراعية التقليدية وابتكار منتجات جديدة، فإن لهذه التكنولوجيات تأثير فعلي على الإنتاج، وعلى دخول السلع الزراعية إلى ميدان التجارة، وعلى التجارة الدولية بالمنتجات الزراعية. وقد دخل تطوير الكائنات المحورة وراثيا وتطويعها واستخدامها إلى بعض البلدان بشكل واضح، سواء كانت بلدان نامية أو متقدمة: ففول الصويا المحور وراثيا يمثل نحو نصف المساحة المزروعة في العالم، وحل بالفعل محل الأصناف التقليدية في الولايات المتحدة والأرجنتين، كما أن هناك أنواعا من القطن المطورة وراثيا لإنتاج أصناف مقاومة للحشرات تتحمل المبيدات وتعطي غلة وفيرة وتقاوم الفيروسات وتعطي أقطانا ممتازة، كانت تغطي في عام 2001 سبعة ملايين هكتار، أي 20 في المائة تقريبا من مساحة الأراضي المزروعة بالقطن في العالم، بينما تمثل الذرة المحورة وراثيا 7 في المائة من المساحات المزروعة بها في العالم عام 2001.

35 - ومع ذلك، فإن مسألة قبول المستهلك لهذه المحاصيل والمنتجات المشتقة منها مازالت تسيطر على المداولات الدائرة، وسوف تلعب دورا كبيرا في تحديد حصة الأسواق منها. وقد أثر وجود منتجات محورة وراثيا على التجارة، سواء في المعاملات التجارية أو في شحنات المعونة الغذائية. فالأسواق المعزولة تتطور نحو منتجات غير محورة وراثيا لتلبية أذواق المستهلكين، في الوقت الذي تركز فيه بعض البلدان على توريد سلع غير محورة وراثيا إلى الأسواق، واستيراد بعض كبار المستوردين لجزء من منتجاتهم من البلدان المعروفة بأنها خالية من الأصناف المحورة وراثيا. وبالنسبة لبعض المنتجات غير المحورة وراثيا، فإن الأصناف غير المحورة قد تكون مرتفعة الأسعار، ولكن المزارعين في البلدان المنتجة أو المصدرة الرئيسية مثل الأرجنتين والولايات المتحدة، يطبقون تلك التقانات الجديدة التي تسمح لهم بتخفيض تكاليف الزراعة وإعطاء غلات وفيرة في متوسطها.

35 - ويواجه التوسع في إنتاج المحاصيل المحورة وراثيا وتجارتها تباطؤا بفعل إجراءات تنظيمية. فهناك عدد متزايد من البلدان يقوم الآن بإخضاع التجارة بهذه المنتجات إلى لوائح معينة مثل النص على لصق بطاقات بيانات، وفحص هذه المنتجات ومحافظتها على صفاتها في مختلف مراحل سلسلة التسويق، وهو ما أدى بلاشك إلى زيادة تكاليف التناول والتأثير على تدفقات التجارة. ومن أجل الحيلولة دون استخدام مثل هذه اللوائح في الحد من التجارة خارج القواعد المتفق عليها دوليا وتيسيرا لعمليات التكيف من جانب الصناعات المعنية، فربما كان من الضروري وضع مجموعة من اللوائح والمعايير المنسقة والمقبولة على نطاق واسع. ونظرا لأن الأسواق العالمية لتجارة المنتجات المحورة وراثيا مازالت صغيرة نسبيا وغير مجمعة حتى الآن، فإن نمو هذه الأسواق في المستقبل ربما اعتمد على أذواق المستهلكين وسياسات الحكومات أكثر من اعتماده على الفوائد الإضافية التي تعود على المنتجين. وربما كان أهم استثناء هو الفرصة المتاحة أمام المزارعين في البلدان النامية الذين يواجهون صعوبات في الإنتاجية بالإضافة إلى ظروف الأراضي الحدية.

رابعا - تزايد أهمية المسائل المتعلقة بالمستهلكين

36 - يتزايد مع مرور الوقت تأثير اهتمامات المستهلك مدعومة بسياسات الحكومة، على إنتاج السلع وتجارتها. وهناك أهمية خاصة لمجالين محددين - بالإضافة إلى المسائل المتعلقة بالتقانة الحيوية - هما سلامة الأغذية ونظم الإنتاج البديلة.

ألف - سلامة الأغذية

37 - في كثير من البلدان - أدخلت الحكومات والقطاع الخاص لوائح تتعلق بسلامة الأغذية ومعايير جودتها. ويتفق ذلك مع الاتجاه العام الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بزيادة اهتمامات المستهلكين بسلامة الأغذية من ناحية، وبقضايا البيئة من ناحية أخرى. فالاهتمام الكبير الذي يعطى لسلامة الأغذية وما يترتب عليه من نشر معايير قطرية يزيد من تعقيد أسواق السلع العالمية ويبرز أهمية تدابير التنسيق القائمة على معايير دولية، كتلك التي تضعها هيئة الدستور الغذائي. ويكون التحدي هنا في النهوض بالشفافية في نظام الإبلاغ والمشاورات وحل النزاعات التجارية، ومساعدة المصدرين - لاسيما في البلدان النامية - الذين يواجهون ارتفاع التكاليف نتيجة فرض معايير دولية لها شروطها العديدة. وتمثل منتجات اللحوم والثروة الحيوانية صعوبة خاصة. فعمليات الإبلاغ المتعلقة بمنتجات اللحوم والثروة الحيوانية تمثل جزءا كبيرا من نحو 000 3 من إخطارات الاتفاق بشأن تدابير الصحة والصحة النباتية قدمت إلى منظمة التجارة العالمية منذ تطبيق عملية الإبلاغ عام 1995. وزيادة الاهتمام بنظم إنتاج اللحوم وأهمية نهج "من المذبح إلى المائدة" بالنسبة لسلامة الأغذية وجودتها يزيد من مخاطر انتشار المعايير الغذائية والضمانات الصحية، وإجراءات إصدار شهادات يصعب عقد مقارنات فيما بينها، بما يضر بمصدري اللحوم في البلدان النامية الذين لا يستطيعون تحمل التكاليف المرتفعة للالتزام بهذه الاشتراطات المتغيرة.

باء - نظم الإنتاج البديلة

38 - زاد اهتمام المستهلكين في السنوات الأخيرة بالظروف البيئية والاجتماعية للإنتاج الزراعي وتصنيعه. وقد سعت بعض المنظمات غير الحكومية إلى تلبية هذه الاهتمامات بوضع معايير وبرامج وبطاقات تبين أن الإنتاج المعروض للبيع قد تم إنتاجه وتجارته طبقا لمعايير بيئية واجتماعية محددة. وكانت الزراعة العضوية و"التجارة العادلة" هما المعياران اللذان حظيا بأكبر قدر من الاهتمام حتى الآن. فمبيعات المنتجات الزراعية العضوية تتزايد بسرعة هائلة، وإن كان ذلك يتم من قاعدة ضيقة مدفوعة بشكل خاص بسلسلة من المخاوف المتعلقة بالأغذية. فمبيعات التجزئة في العالم من المنتجات العضوية كانت تقدر بنحو 16 مليار دولار عام 2000 (أي 1 في المائة - 2 في المائة من مجموع مبيعات الأغذية) وربما وصلت إلى 20 مليار دولار عام 2001. والمنتجات العضوية المصحوبة بشهادات دالة عليها تستهلك أساسا في البلدان المتقدمة، وتباع عادة بأسعار أغلى من الأغذية التقليدية. وربما أتاح هذا السوق فرصة للبلدان النامية، وإن كانت هناك عقبات كثيرة لابد من التغلب عليها، مثل عملية إصدار الشهادات. أما سوق منتجات التجارة العادلة فهو أصغر من ذلك، وإن كان يتسع باعتدال.

خامسا - الاستنتاجات

39 - شهد العامان الأخيران تغييرات ملموسة في الأسواق بالنسبة للعديد من السلع الزراعية. فالكثير من الأسواق السلعية بدأ يشهد اتجاها صعوديا في الأسعار العالمية بعد عدة سنوات من الانخفاض المستمر. وإذا كانت بعض البلدان النامية قد استفادت من هبوط الأسعار منذ منتصف التسعينات انخفاض فواتير وارداتها، فإن البعض الآخر عانى من انخفاض عائدات صادراته، لاسيما البلدان التي تعتمد اعتمادا شديدا في صادراتها على سلعة زراعية واحدة أو سلع معدودة مثل البن والكاكاو والسكر والموز والقطن.

40 - وظهرت أيضا تغييرات في هياكل الأسواق أثناء الفترة موضع الاستعراض. ومن بين أمثل التغييرات في أنماط التجارة ما حدث من زيادة نصيب المصدرين غير التقليديين للحبوب لأنصبتهم في السوق خلال العامين الماضيين، والتقسيم الحاد لتجارة البذور الزيتية بين البذور ومنتجاتها، حيث بدأ عدد متزايد من البلدان المستوردة في تشجيع صناعات التجهيز المحلية. كما تتجه صناعات الثروة الحيوانية أيضا نحو المزيد من تجارة المنتجات المصنعة استجابة للتغير الذي طرأ على أذواق المستهلكين. وهناك أيضا شواهد على أن عدد من أسواق السلع يتعرض الآن لمزيد من التركيز، سواء على مستوى العالم (بالنسبة للبذور الزيتية والألبان) أو على مستوى الأسواق المحلية (الفاكهة الاستوائية). وربما كان لتنويع الأسواق فوائده الإيجابية على الأمن الغذائي العالمي، من خلال توزيع مخاطر نقص الإنتاج على العديد من البلدان بدلا من توزيعها على عدد محدود من المصدرين الرئيسيين. ومن ناحية أخرى، فإن زيادة تركيز الأسواق قد يقلل من قدرة المصدرين المحتملين على الدخول إلى هذه الأسواق. أما التوسع في تجارة السلع ذات القيمة المضافة فيحمل في طياته فرصة للبلدان النامية لكي تستحوذ على نصيب أكبر من السعر النهائي، وإن كانت زيادة التعريفة الجمركية مازالت تعوق قدرة هذه البلدان على الدخول إلى الأسواق المعدودة.

41 - كانت التطورات التي حدثت خلال السنوات الأخيرة في تطبيق التقانات الجديدة والأخذ بها تطورات هائلة بالنسبة لبعض الأسواق السلعية. فقد شهد إنتاج وتجارة فول الصويا المحور وراثيا والذرة والكانولا والقطن زيادة حادة منذ منتصف التسعينات. وفي نفس الوقت، زادت معارضة المحاصيل المحورة وراثيا إلى الدرجة التي فرضت فيها بعض البلدان حواجز فعلية على دخولها. وترتبط هذه المسألة ارتباطا وثيقا باهتمامات المستهلكين واهتمامات الحكومات بالأمن الغذائي والبيئة، وكلها قضايا تفرض نفسها على جدول أعمال المناقشات الخاصة بهذه المسألة في المستقبل. كما أن نفس هذه الاهتمامات شجعت على الإنتاج والتجارة في السلع العضوية وسلع "التجارة العادلة". وسيعتمد احتفاظ هذه الأسواق بتميزها من عدمه، إلى حد كبير، على مفاهيم المستهلكين وعلى سياسات الحكومات.

42 - في ضوء ما سبق، قد تود اللجنة أن تركز مناقشاتها على القضايا التي تؤثر على الأسواق السلعية للبلدان النامية. وبشكل خاص، قد تود اللجنة معالجة طرق تحسين فرص دخول هذه البلدان إلى الأسواق التي تعتمد على عدد محدود من صادرات السلع الزراعية، وإمكانية الحصول على دخل إضافي عن طريق قيمة مضافة لمنتجاتها.

43 - وقد ترى اللجنة أيضا كيفية تحقيق توازن بين الفوائد المحتملة للتكنولوجيا الحيوية الجديدة على إنتاج المحاصيل التي يزرعها المزارعون في البلدان النامية وبين المخاوف التي يعرب عنها المستهلكون والمنظمات غير الحكومية والحكومات.

الجدول 1: متوسط الأسعار الدولية للسلع الزراعية في الفترات 1990-1994، و1995-1996، و1997-2001


(. دولار أمريكي للطن.)

البلدان النامية
 1990-19941995199619971998199920002001*2002*
مجموع الأغذية الأساسية43.464.067.263.762.560.961.060.968.2
الحبوب(1)20.329.433.228.226.625.325.725.528.6
اللحوم5.46.86.96.97.17.78.48.28.9
منتجات الألبان6.38.38.38.37.57.47.77.77.6
الزيت وبذور الزيت11.419.518.820.321.220.419.219.523.1
بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض
المجموع 19.531.031.928.129.929.829.830.834.5
الحبوب(1)10.315.116.112.112.711.911.512.314.2
اللحوم1.82.83.03.13.03.53.73.63.9
منتجات الألبان2.23.13.03.02.83.03.03.02.8
الزيت وبذور الزيت5.210.09.89.911.411.411.611.913.6

الجدول 2: قيمة الواردات من السلع الغذائية الأساسية، بمليارات الدولارات

 1990-19941995-19961997-2001
القمحقمح أمريكي صلب أحمر شتوي نمرة 2142180131
الحبوب الخشنةذرة أمريكية صفراء نمرة 210614598
الأرزأرز مضروب، تايلندي 100% ب، درجة ثانية279344254
السكرسكر خام، السعر بحسب اتفاقية السكر الدولية232279192
فول الصوياأمريكي، سيف روتردام246282230
زيت فول الصوياهولندي، تسليم المعصرة485588462
زيت النخيلخام، تسليم موانئ شمال غرب أوروبا386579450
مسحوق فول الصويافول صويا أرجنتيني محبب، 44/45%، سيف روتردام200233194
اللحم البقريلحم بقري مجهز، استراليا، سيف257518441925
لحم الخنزيرلحم خنزير أمريكي مجمد، قيمة وحدة الصادرات303726022220
لحوم الدواجنأجزاء دواجن أمريكية، قيمة وحدة الصادرات896950690
لحوم الضأنمن نيوزيلندا، أسعار جملة، لندن270429582857
اللبنمساحيق ألبان كاملة الدسم 26%، فوب موانئ أوروبا الغربية151620381766
الألبانالسعر الإشاري المركب لمنظمة البن الدولية170126471933
الكاكاوالمتوسط السنوي للسعر اليومي لمنظمة الكاكاو الدولية121514441282
الشايالسعر المركب للمنظمة، محسوبا باستخدام أربعة أسعار162815311828
الموزالمتوسط المرجح لأسعار الاستيراد648633578
الجوتBWD فوب مونغلا337410290
القطننشرة توقعات القطن، السعر الإشاري "A"162518101247
المطاطنشرة ISRG، كوالالمبور RSS 38691461704

* تقدير قيمة الواردات في عامي 2001 و2002 هو تقدير مبدئي، على أساس التغيرات في حجم التجارة والأسعار التمثيلية في أسواق العام. أما بيانات التجارة عن الفترة 1996-2000 فمأخوذة من قاعدة البيانات الإحصائية في المنظمة، ويدخل ضمنها تدفقات المعونات الغذائية. وقيمة الواردات محسوبة على أساس تسلم ميناء الوصول (CIF).
(1) تشمل واردات القمح دقيق القمح محسوبا بما يعادله من القمح.

الجدول 3: قيمة صادرات السلع الزراعية الأساسية، بمليارات الدولارات

  1990-19941995199619971998199920002001*2002*
البلدان النامية
مجموع الأغذية الأساسية23.434.433.837.938.834.431.434.638.4
الحبوب(1)6.58.49.010.911.89.09.19.811.0
اللحوم5.57.78.06.86.76.97.17.98.6
منتجات الألبان0.61.11.21.31.31.31.41.31.0
الزيت وبذور الزيت10.817.215.618.919.017.213.815.617.8
سلع زراعية أخرى27.036.837.337.434.430.027.825.927.0
الموز2.83.33.33.63.33.13.03.93.6
الكاكاو1.92.33.12.62.72.72.02.54.0
البن الأخضر6.511.39.612.110.99.07.65.45.0
القطن2.83.03.72.82.32.22.61.72.2
الألياف الصلبة0.30.40.30.30.30.30.30.30.3
الجلود الكبيرة والصغيرة0.50.70.60.60.50.50.40.30.3
الجوت0.60.60.60.60.50.40.40.40.4
المطاط3.26.36.24.83.83.23.63.43.9
السكر6.06.87.36.86.55.64.75.04.5
الشاي2.01.82.02.42.82.32.42.12.1
الفاكهة الاستوائية (2)0.40.50.60.60.70.70.80.80.8
بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض
مجموع الأغذية7.611.611.712.311.19.710.811.212.5
الحبوب(1)2.22.72.63.34.22.83.33.14.0
اللحوم2.23.74.02.52.02.02.42.62.4
الألبان0.20.30.30.30.30.30.40.40.4
الزيوت والبذور الزيتية3.04.94.86.24.64.64.75.05.7
المجموع من غير الأغذية15.418.420.118.918.415.815.414.215.9
الموز1.31.51.72.01.71.51.62.21.9
الكاكاو1.52.12.82.42.52.61.92.43.8
البن: الأخضر2.44.43.84.13.83.02.82.01.8
القطن2.83.03.72.83.22.73.22.22.7
الألياف الصلبة0.20.30.20.20.20.20.20.20.2
الجلود الكبيرة والصغيرة0.40.50.40.40.40.40.30.20.2
الجوت0.50.50.60.60.50.40.40.40.4
المطاط1.32.52.62.01.51.21.21.21.5
السكر3.01.82.31.91.81.51.21.31.2
الشاي1.81.71.82.32.62.12.21.91.9
الفاكهة الاستوائية(2)0.20.20.20.20.20.20.20.20.2

* تقدير قيمة الواردات في عامي 2001 و2002 هو تقدير مبدئي، على أساس التغيرات في حجم التجارة والأسعار التمثيلية في أسواق العام. أما بيانات التجارة عن الفترة 1996-2000 فمأخوذة من قاعدة البيانات الإحصائية في المنظمة، ويدخل ضمنها "تدفقات المعونة الغذائية" وكذلك السلع المعاد تصديرها. وقيمة الصادرات محسوبة على أساس تسليم ظهر السفينة (FOB)
(1) تشمل صادرات القمح ودقيق القمح محسوبا بما يعادله من القمح.
(2) تشمل الفاكهة الاستوائية القيمة الإجمالية للصادرات من أهم الفاكهة الاستوائية الطازجة (الأفوكادو والمانجو والبابايا والأناناس).